وليد الكعبة

أضيف بتاريخ 11/20/2025
مكتبة نرجس للكتب المصورة


كتاب: وليد الكعبة
المؤلف: ميرزا محمد أمان
عدد الصفحات: 486

📘 وليد الكعبة: ثلاث وستون شمعة مضيئة في الحضارة الإنسانية

تأليف: ميرزا محمد أمان
الناشر: مكتبة فخراوي– البحرين
الطبعة الأولى: 2009م
عدد الصفحات: 486 صفحة


أولاً: هدف الكتاب ومغزاه

يقول المؤلف في مقدمته (ص 5 من النسخة المصورة) إنه تردّد طويلاً في الكتابة عن الإمام علي (ع) لأنه ـ على حدّ تعبيره ـ

«كلما هممت أن أكتب عنه وجدت نفسي عاجزاً، فموضوعه بحرٌ لا يُغترف منه إلا بمقدار ما تأذن به القدرة المحدودة».

ثم يصرّح أن دافعه إلى التأليف هو تقديم صورة حضارية إنسانية شاملة عن الإمام علي (ع)، بوصفه قمة الفكر الإلهي والخلق الإنساني، لا مجرد زعيمٍ ديني أو سياسي.


ثانياً: عنوان الكتاب ودلالته

العنوان «وليد الكعبة» يشير إلى الكرامة الفريدة التي اختصّ الله بها أمير المؤمنين (ع)، حيث وُلد في جوف الكعبة المشرفة، ليكون ـ كما يقول المؤلف في الصفحة (11) ـ

«الوليد الوحيد الذي وُلد في بيت الله ليعيش في الله ويموت في سبيل الله».

والعنوان الفرعي «ثلاث وستون شمعة مضيئة في الحضارة الإنسانية» يقصد به المؤلف أن حياة الإمام علي امتدت ثلاثاً وستين سنة، وهي كلّها شموعٌ منيرة في تاريخ الفكر والأخلاق والعدالة.


ثالثاً: بنية الكتاب ومحتواه

يتألف الكتاب من مقدمة وثلاث وستين شمعة (فصلاً)، تمثّل مراحل حياة الإمام علي (ع) وصفاته ومواقفه ومبادئه.
ويبدأ المؤلف كل فصل بعنوان رمزي مثل «شعلة العدالة»، «شمس البلاغة»، «منبر العلم»، «ينبوع الرحمة»، فيجمع بين التاريخ والسيرة والتحليل الأخلاقي.


🕋 الفصول الأولى: الولادة والنشأة (ص 11–20)

في هذه الصفحات، كما يظهر من النسخة المصوّرة، يروي المؤلف قصة ولادة الإمام علي (ع) داخل الكعبة المشرفة بتفصيلٍ أدبيٍّ جميل:

  • يصف دخول السيدة فاطمة بنت أسد (ع) إلى الكعبة وهي في مخاضها، بعد أن دعت الله عند البيت الحرام.

  • ويذكر أن جدار الكعبة انشقّ بأمر الله لتدخل وتضع وليدها داخلها، ثم خرجت بعد ثلاثة أيام وهي تحمل طفلها المبارك، وسط ذهول قريش.

ويعلّق قائلاً:

«وُلد عليّ في أقدس بقعة على الأرض ليكون الإنسان الذي لا يخرج من الحقّ إلى الباطل، كما لم يخرج من البيت الحرام إلا بعد أن أشرق فيه نور الولاية».

كما يروي أن النبي (ص) هو أول من تلقّف المولود بيده، وسمّاه عليّاً، قائلاً:

«سميته علياً، لأن علياً هو العليّ الأعلى الذي أنزله من السماء العليا».


رابعاً: شخصية الإمام علي (ع) في نظر المؤلف

يرى المؤلف أن شخصية الإمام (ع) تجمع بين أربع قمم إنسانية:

  1. قمة العلم: لأنه باب مدينة علم النبي.

  2. قمة العدالة: لأنه أعدل من حكم بين الناس بعد رسول الله (ص).

  3. قمة الشجاعة: لأنه لا يعرف الخوف إلا في الله.

  4. قمة الرحمة: لأنه كان ألين الناس قلباً للفقراء واليتامى.

وفي هذا السياق، يقول المؤلف:

«لو قُسمت فضائل علي على أهل الأرض لكفتهم، ولو لم يكن له إلا كلمة (الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) لكفته حجةً على الدنيا كلها».


خامساً: الإمام علي في الحضارة الإنسانية

الكتاب لا يقف عند سرد السيرة، بل يحلل أثر الإمام علي (ع) في تطور الفكر الإنساني، فيذكر:

  • أن علياً (ع) أسّس أول مدرسة فكرية في الإسلام قوامها العقل والعلم والعدل.

  • وأنه وضع أسس الحكم الرشيد في عهده إلى مالك الأشتر.

  • وأن مبادئه أصبحت مراجع في القوانين والأنظمة المعاصرة.

ويقتبس المؤلف من أقوال بعض المفكرين الغربيين (كجورج جرداق) الذين وصفوا الإمام علي بأنه:

«صوت العدالة الإنسانية الذي لا يعلوه صوتٌ بعد الأنبياء».


سادساً: الإمام والرسول (ص)

في الصفحات الأولى (ص 6–9)، يورد المؤلف أحاديث النبي (ص) في حقّ علي (ع)، مثل:

  • «أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي.»

  • «أنا مدينة العلم وعلي بابها.»

  • «من كنت مولاه فعليّ مولاه.»

ويعلّق قائلاً:

«كفى بهذه الأحاديث أن تجعل من عليّ الامتداد الطبيعي لرسالة محمد، وأن تثبت أن الإسلام من دونه جسد بلا روح».


سابعاً: عليّ (ع) في عيون المفكرين

يخصّص المؤلف فصولاً متأخرة لعرض آراء المستشرقين والمفكرين العالميين، ويذكر أسماء أمثال:

  • كارلايل

  • بولس سلامة

  • لويس شيخو

  • جبران خليل جبران

  • جورج جرداق

ويستشهد بأقوالهم التي تمجّد الإمام باعتباره رمز العدالة والإنسانية والبلاغة.
ويختم هذا القسم بقوله:

«ما عرف الناس علياً حقّ معرفته، لأنهم لم يعرفوا أنفسهم في ضوء رسالته».


ثامناً: ختام الكتاب

في الفصول الأخيرة، يتحدث المؤلف عن استشهاد الإمام علي (ع) في محرابه بالكوفة، في الليلة التاسعة عشرة من رمضان سنة 40 هـ، ويصوّر الحادثة تصويراً وجدانياً مؤثراً، قائلاً:

«خرَّ عليٌّ ساجداً لله في صلاته، كما سجدت الكعبة له يوم وُلد فيها. كانت البداية في بيت الله والنهاية في بيت الله، وبينهما ملحمة من نورٍ وعدلٍ وعلمٍ وإيمان».


الأسلوب والمنهج

يمتاز أسلوب ميرزا محمد أمان بما يلي:

  1. اللغة الأدبية الرصينة الممزوجة بالسجع والبيان القرآني.

  2. المزج بين السرد التاريخي والتحليل الأخلاقي.

  3. الاستشهاد بالنصوص الحديثية والتاريخية من مصادر الفريقين.

  4. الهدف التربوي: تقديم عليٍّ (ع) قدوة إنسانية للبشرية جمعاء.


خلاصة الخلاصة

كتاب «وليد الكعبة» هو سيرة أدبية فكرية متكاملة لأمير المؤمنين علي (ع)، يقدّمه المؤلف بوصفه:

«إنساناً فوق الزمان، جمع بين الحكمة والبطولة، وبين العبادة والعلم، وبين الفقر والزهد في الدنيا والغنى بالله.»

فهو ليس مجرد ترجمة لحياة الإمام، بل بيانٌ حضاريٌّ عن معنى الإنسان الكامل في مدرسة أهل البيت (ع)، ومرآةٌ تعكس أن نور الكعبة لم يُطفأ، بل انتقل من جدرانها إلى قلب عليٍّ بن أبي طالب.



WALEEDALKABA