المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف

أضيف بتاريخ 11/20/2025
مكتبة نرجس للكتب المصورة


كتاب: المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، مسيرة ألف عام
المؤلف: الدكتور محمد حسين علي الصغير
عدد الصفحات: 336

📘 المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف: مسيرة ألف عام

المؤلف: الأستاذ الدكتور محمد حسين علي الصغير
عدد الصفحات: 336 صفحة
الناشر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث – العتبة الحسينية المقدسة، الطبعة الأولى 2016م


تمهيد في غاية المؤلف وغرض الكتاب

يهدف هذا السفر النفيس إلى تقديم قراءة تحليلية تاريخية لمرجعية النجف الأشرف منذ تأسيسها العلمي إلى يومنا هذا، في محاولة علمية لتوثيق مراحلها، وأعلامها، ودورها في الحفاظ على الهوية الدينية والسياسية والاجتماعية للأمة الشيعية على مدى قرون .

ويقول المؤلف في مقدمة العمل (ص 9):

«إن المرجعية العليا هي الصرح الأعظم في العالم الإسلامي كله، لا تُضاهى في أصالتها الفكرية، ولا تُجارى في تأثيرها العملي، لأنها المؤسسة التي توازن بين النصّ والعقل، وبين الدين والدنيا.»


🕌 أولاً: في بنية الكتاب ومحتواه العام

يتألف الكتاب من خمسة فصول، تسبقها مقدمة و«كلمة المركز»، وقد وُضعت فصوله على نحوٍ تاريخي تحليلي متسلسل كما جاء في الفهرس المصوّر على الصفحة 11 :

  1. المرجعية عند الإمامية.

  2. تأسيس الكيان المرجعي في النجف الأشرف.

  3. نضال المرجعية العليا في القرن العشرين.

  4. عقبات في طريق المرجعية.

  5. اقتراحات على المرجعية.


🕋 ثانياً: المرجعية عند الإمامية

يبدأ الكتاب من الجذور الأولى لفكرة المرجعية منذ عصر الأئمة عليهم السلام، مبيناً أن المرجعية هي الامتداد العملي لخط الإمامة بعد الغيبة الكبرى، فهي قيادة علمية وروحية تحفظ الشريعة وتطبّقها على الواقع .

في الفصل الأول (ص 17–19) يوضح المؤلف أن ملامح المرجعية بدأت تتبلور منذ عصر الشيخ الكليني والصدوق والمفيد والطوسي، حيث تحوّلت النجف إلى حاضرة علمية كبرى تمثل محور الفتوى والاجتهاد، ويقول:

«في عصر الشيخ الطوسي انبثقت المرجعية من الإطار الفردي إلى المؤسسة العلمية الجماعية التي يرعاها الفقهاء الكبار.»

ويبيّن المؤلف أن المرجعية عند الإمامية ليست سلطة سياسية بل وظيفة شرعية قائمة على العلم والعدالة، هدفها حفظ الدين وصيانة المجتمع .


📜 ثالثاً: تأسيس الكيان المرجعي في النجف الأشرف

يتناول الفصل الثاني نشأة الحوزة العلمية في النجف، منذ انتقال الشيخ الطوسي إليها سنة 448 هـ بعد محنته في بغداد، وبدء تأسيس حلقات الدرس والبحث الخارج، ثم تطور الحوزة حتى أصبحت منارة العلم الأولى في العالم الإسلامي .

ويُبرز المؤلف دور شخصيات محورية في هذا التأسيس:

  • الشيخ الطوسي مؤسس مدرسة النجف.

  • ابن إدريس الحلي، الذي أحيا روح النقد والاجتهاد.

  • العلامة الحلي، الذي وضع اللبنات الأولى للمرجعية العالمية.

ثم يعرض المؤلف تطور المرجعية عبر القرون، من مرجعية المحقق الكركي إلى مرجعية الشيخ الأنصاري، حتى مرجعية السيد محسن الحكيم، والسيد الخوئي، والسيد السيستاني (دام ظله).


⚖️ رابعاً: المرجعية العليا ودورها الرسالي

في هذا المحور، يسلّط المؤلف الضوء على الوظائف الثلاث الأساسية للمرجعية:

  1. الوظيفة الدينية: حفظ الفقه والعقيدة والأحكام.

  2. الوظيفة الاجتماعية: رعاية الأمة عبر الإفتاء والإرشاد والمؤسسات الخيرية.

  3. الوظيفة السياسية: توجيه الأمة في القضايا المصيرية، كما فعلت المرجعية في ثورة العشرين ومواجهة الاحتلال الحديث .

وفي الصفحة (20) يذكر المؤلف مثالاً على شمولية المرجعية في قيادة الأمة، قائلاً:

«المرجع ليس مجرد فقيه في محرابه، بل هو عقل الأمة وروحها التي تنبض بالحياة، وإلا لما كان لها هذا الامتداد في ضمير العالم الشيعي.»


🌍 خامساً: نضال المرجعية في القرن العشرين

من أبرز فصول الكتاب تحليلاً، حيث يبيّن المؤلف الدور القيادي للمرجعية في مواجهة الاستعمار البريطاني، من خلال ثورة العشرين بقيادة المرجع السيد محمد تقي الشيرازي، ودورها في بناء الدولة العراقية الحديثة.

ثم ينتقل إلى مرجعية السيد محسن الحكيم ودفاعه عن الحريات الإسلامية، فمرجعية الإمام السيد الخوئي الذي جمع بين العلم والمؤسسة، إلى مرجعية السيد السيستاني التي شكّلت مرجعية عالمية في المواقف الوطنية والإنسانية .

ويصف المؤلف المرجعية بأنها:

«السدّ المنيع الذي حمى الإسلام من الانحراف، وصان الأمة من الذوبان في الموجات الفكرية والسياسية الوافدة.»


🔹 سادساً: العقبات والتحديات

يتناول الفصل الرابع أهم العقبات التي واجهت المرجعية:

  • الأنظمة الاستبدادية التي حاولت تقييدها أو تشويهها.

  • محاولات تسييس الفتوى وتفريغها من بعدها الشرعي.

  • تحديات الحداثة والعولمة الفكرية.

ويؤكد المؤلف أن المرجعية انتصرت بالعلم والزهد لا بالسلاح أو السياسة، لأنها تعتمد على وعي الأمة وثقتها في العلماء .


🌿 سابعاً: اقتراحات إصلاحية للمستقبل

في الفصل الخامس، يقدم المؤلف رؤية إصلاحية لبناء مستقبل المرجعية، داعياً إلى:

  1. تنظيم العلاقة بين المرجع والمجتمع من خلال مؤسسات شورية.

  2. إنشاء مراكز دراسات متخصصة لتوثيق تراث المرجعية.

  3. دعم الإعلام الهادف لنشر فكر المرجعية بلغة العصر.

  4. تأهيل الجيل الحوزوي الجديد علمياً وروحياً لحمل الراية من بعد .


💎 خاتمة التحليل

يخلص الدكتور محمد حسين الصغير إلى أن المرجعية في النجف ليست حدثاً عابراً في التاريخ، بل مشروع إلهيّ متواصل امتدّ من مدرسة الإمام الصادق (ع) إلى يومنا هذا.
وأن سرّ بقائها في أمرين:

  • أصالتها العلمية.

  • زهد قادتها في الدنيا وولاؤهم المطلق لأهل البيت (ع).


خلاصة الخلاصة

إن كتاب «المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف – مسيرة ألف عام» هو سجلّ حضاريّ لتاريخ الإمامة العلمية، جمع بين التاريخ والتحليل والرؤية المستقبلية.
يبين أن المرجعية هي العقل الواعي للأمة، و«ضميرها الناطق» الذي لم يخفت صوته رغم كل الأعاصير.

«المرجعية في النجف هي صدى الإمامة الكبرى في الفكر والعمل، وحضورها هو البرهان على أن نور أهل البيت لا يخبو على مرّ الزمان.» — محمد حسين علي الصغير



ALMARJYA