مدارج المعرفة في أعمال يوم عرفة

أضيف بتاريخ 11/19/2025
مكتبة نرجس للكتب المصورة


كتاب: مدارج المعرفة في أعمال يوم عرفة
المؤلف: إبراهيم خميس ، محسن النجار
عدد الصفحات: 257
تحقيق: الشيخ أحمد الماحوزي

أولاً: طبيعة الكتاب وغايته

الكتاب سفرٌ عباديٌّ ومعرفيٌّ يجمع بين الفقه والروح والعرفان، موضوعه أعمال يوم عرفة بما تحمله من مقاماتٍ معرفيةٍ وأسرارٍ قلبيةٍ.

الغاية من تأليفه هي:

  • جمع نصوص الأدعية والأعمال الواردة في يوم عرفة من المصادر المعتبرة.

  • شرح معانيها ومعارجها المعرفية.

  • تبيين مقامات هذا اليوم في التوبة والمغفرة واللقاء بالله.

  • وصل العابد بين فقه العمل وعمق المعرفة.

فهو كتابٌ يربط بين الظاهر الفقهي والباطن المعنوي، يجمع بين مدرسة الرواية ومدرسة السلوك.


ثانياً: بنية الكتاب العامة

يتكوّن الكتاب من مقدمةٍ تمهيدية وخمسة فصول رئيسة، يليها خاتمة وجدانية في سرّ عظمة هذا اليوم.


🔹 المقدمة

يتحدث فيها المؤلفان عن:

  1. فضيلة يوم عرفة في القرآن والسنّة، مستشهداً بقول الإمام الصادق (ع):

    «أفضل الدعاء يوم عرفة».

  2. موقع عرفة في منظومة الحجّ، وكيف أنه يوم العهد والتوبة والمعرفة.

  3. الهدف من التأليف: مزجُ الفقه بالدعاء، والعقل بالقلب، ليكون العمل عبادةً واعية لا عادةً جامدة.


🔹 الفصل الأول: في منزلة يوم عرفة وفضائله

  • يبيّن أن عرفة هو يوم المعرفة بالله قبل أن يكون يوماً للموقف في الحجّ.

  • يُفصّل الروايات في أنّ الله يغفر في هذا اليوم ما لا يغفر في غيره، ويعتق من النار أكثر من أيّ يومٍ سواه.

  • يربط بين وقوف النبيّ (ص) والإمام الحسين (ع) في عرفات، ليظهر أنّ هذا اليوم جسرٌ بين الشريعة والحقيقة.


🔹 الفصل الثاني: في أعمال يوم عرفة العامة والخاصّة

  • يستعرض الأعمال الواردة في كتب الأدعية (كـمفاتيح الجنان، الإقبال، البلد الأمين).

  • يبيّن التفصيل بين أعمال ما قبل الزوال وأعمال ما بعده.

📿 أهمّ الأعمال المذكورة:

  1. الغُسل عند الزوال.

  2. الصلاة ركعتين تحت السماء.

  3. زيارة الإمام الحسين (ع) عن بُعد أو قرب.

  4. دعاء الإمام الحسين في يوم عرفة.

  5. دعاء الإمام السجاد (ع) في الصحيفة السجادية.

  6. دعاء المعرفة والتوبة.

  7. الإكثار من الاستغفار والصلوات.

ويشرح المؤلفان دلالات كلّ عمل، مثل:

  • أن الغسل في عرفة تطهيرٌ للظاهر يوازي تطهير الباطن بالتوبة.

  • وأن الوقوف في عرفات إنما هو وقوف الروح بين يدي المولى قبل أن يكون وقوف الجسد على أرضٍ محدودة.


🔹 الفصل الثالث: شرح دعاء الإمام الحسين (ع) في يوم عرفة

وهذا أعمق فصول الكتاب وأطولها.

يتناول المؤلفان دعاء الإمام الحسين (ع) بالتحليل الروحي والمعرفي، فيقرآن الدعاء بنداً بنداً، موضحين:

  • مقامات التوحيد فيه.

  • مراتب العرفان والشكر.

  • منهج الإمام في التعبير عن الفناء في الله.

  • بلاغة الدعاء وجمال تصويره لمعاني الوجود.

ومن نماذج الشرح:

قوله (ع): «إلهي ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك».
يشرحان أنّها ذروة التوحيد العرفاني، إذ لا وجود لحياةٍ حقيقيةٍ إلا بمعرفة الله، وكلّ ما عداه عدمٌ.

كما يربطان بين دعاء الإمام وبين نهضة كربلاء، فيرون أنّ عرفات كانت المدرسة الأولى التي أعدّت روح الحسين (ع) للشهادة.


🔹 الفصل الرابع: المعارف القلبية والأنوار العرفانية

يبيّن أن يوم عرفة ليس يوم الطلب فحسب، بل يوم الشهود والمعرفة.

  • المعرفة في عرفة هي إدراك العبد لافتقاره المطلق إلى الله.

  • كلّ من عرف نفسه فقد عرف ربّه.

  • يشرح المؤلفان مقامات السالكين في هذا اليوم:

    1. مقام التوبة.

    2. مقام الشكر.

    3. مقام الفناء في الطاعة.

    4. مقام الحبّ الإلهي.

وفيه تأملات حول دعاء الإمام السجاد (ع):

«اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك»،
ويستخلصان منها معنى العبادة الشهودية لا الغيبية.


🔹 الفصل الخامس: بين عرفة الحسين (ع) وعرفات الحجيج

  • يقارن المؤلفان بين عرفات الحسين في كربلاء وعرفات الحج في مكة.

  • يبيّنان أن الحسين (ع) أقام عرفة من نوعٍ آخر، عرفات الشهادة والمعرفة التامة بالله.

  • يوردان نصوصاً روائية عن أن زيارة الحسين يوم عرفة تعدل حجّاً كاملاً.

  • ويختمان الفصل ببيان أنّ «من لم يعرف الله في عرفات الحسين فلن يعرفه في عرفات مكة».


🔹 الخاتمة

  • تأملات وجدانية حول ثمرات يوم عرفة: الصفح، السكينة، والتجدد الروحي.

  • دعوة إلى أن يكون يوم عرفة بداية لا نهاية؛ يوم معرفة دائمة لا عابرة.

  • الإشارة إلى أنّ الحجّ بلا عرفانٍ باطني هو جسدٌ بلا روح، وأن المعرفة هي تاج العبادة.


ثالثاً: منهج التحقيق

التحقيق الذي قام به الشيخ أحمد الماحوزي تميّز بـ:

  1. ضبط النصوص والدعوات من مصادرها الأصلية.

  2. الإشارة إلى الأسانيد والمراجع الحديثية.

  3. تصحيح الألفاظ والعبارات القديمة.

  4. إضافة تعليقاتٍ رجالية وفقهية مختصرة.

وبذلك جمع بين أصالة النصّ التراثي ودقّة التحقيق العلمي.


رابعاً: القيمة العلمية والروحية

  1. كتاب يربط الفقه بالعرفان والعمل بالمعرفة.

  2. يقدّم قراءةً تأملية في أدعية الأئمة (ع).

  3. يصلح أن يكون دليل المؤمنين ليوم عرفة في الحجّ أو في أوطانهم.

  4. يحمل الأسلوب الحوزوي الرقيق المفعم بالتأمل الروحي.

  5. يبرز المنهج التكاملي بين الظاهر الشرعي والباطن القلبي في العبادة.


خلاصة الخلاصة

إنّ «مدارج المعرفة في أعمال يوم عرفة» ليس كتاب أعمالٍ فحسب، بل مدرسة عرفانية في فهم العبادة.
يأخذ بيدك من غسل الطهارة إلى مقام المعرفة، ومن دعاء اللسان إلى خضوع القلب، ومن عرفة الأرض إلى عرفات القرب من الله.

هو رحلةٌ في مراتب النور…
تبدأ بالفقه وتنتهي بالشهود، وتُثمر معرفةً تُبقي القلب في وقفة عرفاتٍ دائمةٍ لا تزول.



MADAREJALMAREFAH MADAREJALMAREFAH