كتاب: محاضرات في الدين المسيحي
المؤلف: الشيخ مرتضى فرج
عدد الصفحات: 395
✨ أولاً: طبيعة الكتاب وهدفه
هذا الكتاب هو دراسة حوارية تحليلية ألقاها المؤلف في مجموعة محاضراتٍ علمية، تُعنى بـ توضيح المفاهيم الأساسية في العقيدة المسيحية كما تفهمها الكنيسة من جهة، وبيان نقدها العقلي والقرآني من منظور إسلامي من جهة أخرى.
الهدف منه ليس المجادلة العدائية، بل إيضاح الحقيقة بالحجة والبرهان، وإرساء منهج الحوار الحضاري بين الإسلام والمسيحية.
✨ ثانياً: منهج المؤلف
الشيخ مرتضى فرج يعتمد منهجاً علمائياً يجمع بين:
-
التحليل التاريخي للعقيدة المسيحية منذ نشأتها إلى يومنا هذا.
-
الاستدلال العقلي والفلسفي في نقد المفاهيم اللاهوتية.
-
الرجوع إلى الكتاب المقدس نفسه، مع تحليل نصوصه نقدياً.
-
الاستشهاد بالقرآن الكريم وأحاديث أهل البيت (ع).
-
المقارنة بين العقائد الإيمانية في الإسلام والمسيحية، بلغة منصفة لا انفعالية.
✨ ثالثاً: محتوى الكتاب العام
يتألف الكتاب من اثنتي عشرة محاضرة رئيسية تمثّل محاور الدين المسيحي الكبرى، مرتبةً بحسب تطوّر الفكرة العقدية.
🔹 المحاضرة الأولى: نشأة الدين المسيحي
-
تتحدث عن يسوع الناصري (عليه السلام) كشخصيةٍ تاريخيةٍ ورسولٍ من الله في المنظور القرآني.
-
يستعرض المؤلف ظروف العصر الروماني، وتأثير اليهودية والسياسة في نشأة الكنيسة الأولى.
-
ثم يناقش كيف تحوّل «دين المسيح» إلى «دينٍ عن المسيح» بعد القرون الأولى، أي من التوحيد إلى التثليث.
🔹 المحاضرة الثانية: الكتاب المقدس (العهدان القديم والجديد)
-
يعرّف بالعهد القديم وموقعه عند اليهود والمسيحيين.
-
يناقش جمع الأناجيل الأربعة (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) ومشكلة الأناجيل الأبوكريفية.
-
يعرض نقداً علمياً لمسألة الوحي والإلهام عند المسيحيين.
-
يشير إلى التناقضات النصّية والمضمونية في الأناجيل.
-
يوضح أن القرآن الكريم يقدّر الإنجيل الأصلي المنزل على عيسى (ع)، لكنه لا يقرّ بتحريفاته اللاحقة.
🔹 المحاضرة الثالثة: عقيدة التثليث والتوحيد
-
من أهم المحاضرات في الكتاب.
-
يشرح كيف تطورت عقيدة التثليث عبر المجامع المسكونية (نيقية، القسطنطينية، أفسس).
-
ثم يبيّن استحالتها عقلاً وشرعاً.
-
يستدل بآيات من الإنجيل نفسه على التوحيد الخالص، مثل:
«وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته» (يوحنا 17:3).
-
ثم يعقد مقارنة مع مفهوم التوحيد في الإسلام المستند إلى قوله تعالى:
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ (الإخلاص: 1).
🔹 المحاضرة الرابعة: التجسّد والفداء
-
يشرح المفهوم المسيحي لتجسّد الإله في شخص المسيح والفداء بصلبه.
-
ثم يناقشه عقلياً: كيف يعقل أن يحتاج الخالق إلى أن يُصلب ليغفر؟
-
يبيّن تعارض هذه الفكرة مع عدل الله ورحمته.
-
ويرى أن «الفداء» في الإسلام هو بالتوبة والعمل الصالح، لا بالتضحية الدموية.
🔹 المحاضرة الخامسة: الروح القدس والوحي
-
يناقش مفهوم «الروح القدس» في المسيحية كأقنوم ثالث،
ويقارنه بالمعنى القرآني للروح: المَلَك الموحى أو النور الإلهي. -
يوضح أن الوحي في الإسلام يقوم على الفصل بين الإله والمخلوق، بينما خلطته المسيحية بالتجسّد جعلته غامضاً.
🔹 المحاضرة السادسة: الخطيئة الأولى والخلاص
-
يعرض القصة من سفر التكوين، ثم يبيّن كيف بنى اللاهوت المسيحي عليها عقيدة الخطيئة الموروثة.
-
يرفض المؤلف هذه العقيدة رفضاً مطلقاً، مبيّناً أن القرآن الكريم أعلن بوضوح أن:
﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ (الأنعام: 164).
-
ويؤكد أن الإنسان يولد نقياً، ومسؤوليته فردية، لا يرث خطيئةً من أحد.
🔹 المحاضرة السابعة: الكنيسة وسلطتها
-
يناقش نشأة الكنيسة، سلطتها الدينية والسياسية، وعقيدة العصمة البابوية.
-
يبيّن كيف تطوّر النفوذ الكهنوتي حتى صار بديلاً عن النبوّة والوحي.
-
ويقارنها بمنهج الإسلام الذي لا يعترف بوسيط بين العبد وربه.
🔹 المحاضرة الثامنة: مريم العذراء (عليها السلام)
-
يتحدث عن مكانة السيدة مريم (ع) في الإسلام والمسيحية.
-
يبيّن أن القرآن جعلها أعظم نساء العالمين دون أن يرفعها إلى مرتبة الألوهية.
-
بينما تطوّر في بعض المذاهب المسيحية اتجاه تأليهها جزئياً، وهو ما عدّه المؤلف غلواً مخالفاً لتعاليم عيسى نفسه.
🔹 المحاضرة التاسعة: المسيح في القرآن
-
يقدّم صورة المسيح كما وردت في القرآن الكريم:
نبيٌّ كريم، عبدٌ لله، مؤيَّدٌ بروح القدس، مبشّرٌ بالنبي محمد (ص). -
يبرز العلاقة الروحية بين الرسالتين، ويستشهد بقول الله تعالى:
﴿ومبشراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد﴾ (الصف: 6).
🔹 المحاضرة العاشرة: البعث والآخرة
-
يقارن بين مفهوم الخلاص والنعيم في المسيحية والإسلام.
-
يرى أن الإسلام جعل الخلاص بميزان العمل والإيمان،
بينما جعلته المسيحية بميزان الإيمان بالمخلّص فقط، وهذا إخلالٌ بعدل الله.
🔹 المحاضرة الحادية عشرة: الحوار بين الإسلام والمسيحية
-
يناقش نماذج من الحوارات التاريخية بين علماء المسلمين والنصارى (كحوار الإمام الرضا (ع) مع الجاثليق).
-
يضع أسس الحوار الصحيح: الاحترام، الدليل، الابتعاد عن التعصب.
-
ويخلص إلى أن الحقّ لا يخاف النقاش، وأن الحوار طريقٌ إلى الهداية.
🔹 المحاضرة الثانية عشرة: قراءة ختامية في جوهر الرسالتين
-
يلخّص المؤلف جوهر الدينين:
-
المسيحية الحقّة كانت رسالة توحيد ورحمة.
-
الإسلام جاء مكملاً ومصححاً لما انحرف منها.
-
-
يؤكد أن الإسلام يعترف بعيسى نبيّاً ويمجّده، لكنه يرفض تأليهه.
-
ويختم بتأكيد أن معرفة المسيح الحقيقية لا تكون إلا عبر معرفة محمد (ص).
✨ رابعاً: مميزات الكتاب
-
أسلوب حواري مبسّط، يفهمه القارئ المثقف والباحث الأكاديمي معاً.
-
اعتماد دقيق على النصوص الكتابية الأصلية.
-
ربط منطقي بين التاريخ والعقيدة.
-
إنصاف في العرض، وصرامة في الحجة.
-
يصلح كمصدر دراسي لمقارنة الأديان.
✨ خامساً: القيمة العلمية والفكرية
-
يُعتبر من أهم المؤلفات العربية الحديثة التي تعرض المسيحية بلسانٍ علميٍّ شيعيٍّ موضوعي.
-
يجمع بين ثقافة قرآنية ولاهوتية واسعة.
-
يقدّم أرضية متينة للحوار الإسلامي-المسيحي في إطار الاحترام والتوحيد.
-
يعالج القضايا الكبرى للعقيدة: التوحيد، النبوّة، الوحي، الخلاص، والبعث.
✨ خلاصة الخلاصة
«محاضرات في الدين المسيحي» هو جسر معرفي بين الإسلام والمسيحية، يزيل الغشاوة عن المفاهيم، ويدعو إلى فهمٍ نزيهٍ للآخر.
يظهر فيه المؤلف بصفته عالمَ دينٍ محاوراً لا مناظراً، ومفكّراً موضوعياً لا خصماً متعصّباً.
إنه كتابٌ يُظهر أن طريق الدعوة الحقّة هو العلم والإنصاف، وأن نور التوحيد يبقى واحداً وإن تنوّعت الطرق.
