كتاب: مع الشيعة الإمامية
المؤلف: الشيخ محمد جواد مغنية
عدد الصفحات: 432
📘 مع الشيعة الإمامية
تأليف: الشيخ محمد جواد مغنية (قدّس سرّه)
عدد الصفحات: 432 صفحة
الناشر: دار التيار الجديد، بيروت
✨ أولاً: عن المؤلف ومكانته
الشيخ محمد جواد مغنية (1904–1979م) من كبار علماء جبل عامل، أحد أبرز المجددين في الفكر الإمامي في القرن العشرين، جمع بين الفقه والاجتهاد والأدب والفكر المقارن.
تميّز بلغةٍ بيانيةٍ قوية، وعقلٍ تحليليٍّ منفتح، ومواقف إصلاحيةٍ في تقريب المذاهب الإسلامية.
كان يرى أن الإسلام كلٌّ لا يتجزّأ، وأن الخلاف بين المسلمين في الفروع لا في الأصول.
✨ ثانياً: غاية الكتاب ومضمونه العام
الكتاب هو رحلة فكرية في بيان حقيقة التشيّع الإمامي من داخل المذهب نفسه، لا دفاعاً انفعاليّاً، بل عرضاً موضوعيّاً نقديّاً، بأسلوبٍ يقنع العقل ويهزّ الضمير.
كتبه الشيخ مغنية بعد سلسلة من المقالات نشرت في مجلة رسالة الإسلام ردًّا على شبهات الكتّاب الذين اتهموا الشيعة بالبدعة أو الغلوّ.
يقول المؤلف في مقدمة الكتاب (ص 11):
«كتبتُ هذه المقالات دفاعاً عن الحقيقة، لا تعصّباً لمذهب، فالتشيع في جوهره هو الإسلام في نقائه الأول.»
✨ ثالثاً: محتوى الكتاب وهيكله
يتضمن الكتاب عدداً من الأبواب العلمية، منها ما ورد مصوَّراً في الصفحات (7–17)، أبرزها:
🔹 الفصل الأول: الإمامة لغةً واصطلاحاً
-
يعرّف الإمامة لغةً بأنها القيادة والقدوة، ثم يعرض تعريفها الاصطلاحي بأنها خلافة الرسول في إقامة الدين وسياسة الدنيا به.
-
يورد أدلّة وجوبها من القرآن، كقوله تعالى: ﴿إني جاعلك للناس إماماً﴾، ومن السنة كحديث الغدير.
-
ثم يقارن بين مفهوم الإمامة عند الشيعة وعند باقي المذاهب، فيبيّن أن الاختلاف ليس في أصل القيادة بل في طبيعتها الإلهية: فالشيعة يرونها نصًّا من الله ورسوله، بينما غيرهم يراها شورى بشرية.
🔹 الفصل الثاني: ضرورة الدين والمذهب
-
يشرح فيه المؤلف ضرورة الدين كحاجةٍ عقلية وروحية، لا مجرّد تقليدٍ وراثي.
-
يرى أن الدين هو الضمان الأخلاقي للإنسانية، بينما المذهب هو الوسيلة لفهم الدين في ضوء النصوص والواقع.
-
ويقسم الضرورات إلى نوعين:
-
ضرورات دينية، كالتوحيد والنبوة والمعاد.
-
ضرورات مذهبية، كالإمامة والعدالة والفقه والاجتهاد.
-
ويقول مغنية في هذا الموضع (ص 15):
«الإسلام شيء، والمذهب شيء آخر، فالإسلام عقيدة وشريعة، والمذهب هو الاجتهاد في فهم تلك الشريعة على ضوء النصوص القطعية والعقل الصريح.»
🔹 الفصل الثالث: من أصول الإمامية
-
يناقش سؤالًا: كيف وُجد هذا الانقسام بين المسلمين؟
ويجيب بأن الاختلاف سنة كونية، ولكنّ الخطر في تحويله إلى نزاعٍ سياسيٍّ وعداوةٍ طائفية. -
يوضح أن أصول المذهب الإمامي تقوم على:
-
التوحيد الخالص من التشبيه والتجسيم.
-
العدل الإلهي الذي يرفض الجبر ويثبت حرية الإنسان.
-
الإمامة بالنصّ كامتدادٍ للنبوة.
-
المعاد والجزاء على وفق الوعد الإلهي.
-
ويصرّح بأن الإمامية لا يقولون بعصمة الأئمة لذواتهم، بل لحفظ الدين من الخطأ، فهي لطفٌ إلهيٌّ لا امتياز شخصي.
🔹 الفصل الرابع: الشيعة وموقفهم من الصحابة
-
يردّ فيه الشيخ مغنية على الاتهام بأن الشيعة يسبّون الصحابة، موضحاً أن:
«الشيعة يجلّون من الصحابة من ثبتت عدالته واستقامته، ويبرؤون ممّن خالف النصّ أو قاتل أهل البيت (ع).»
-
ويضيف أن القرآن نفسه ميّز بين الصحابة بقوله:
﴿ومن أهل المدينة مردوا على النفاق﴾، فليس كل من صاحب النبي معصوماً.
-
ثم يبيّن أن الشيعة لا يطعنون في أحد إلا ببرهانٍ تاريخيٍّ وعقائدي، لا بعاطفة.
🔹 الفصل الخامس: الشيعة والوحدة الإسلامية
-
من أرقّ فصول الكتاب، يطرح فيه المؤلف دعوةً صادقة إلى الوحدة على أساس الاحترام المتبادل، فيقول:
«نختلف في الطريق، لكننا نلتقي عند الهدف، وهو الله.»
-
يرى أن سبيل الوحدة هو الحوار العلمي القائم على المعرفة لا الاتهام، وأن الأمة لا تنهض بالسبّ واللعن، بل بالتعارف والتقارب.
✨ رابعاً: خصائص أسلوب الشيخ مغنية
-
أسلوب بيانيّ مؤثر يجمع بين رصانة العلماء وجمال الأدباء.
-
حجج عقلية قرآنية تعتمد على النص لا على الهوى.
-
نزعة إصلاحية واضحة تدعو إلى نبذ التعصب والانفتاح على الحقيقة.
-
توظيفٌ دقيقٌ للغة المقارنة بين المذاهب دون تجريح.
✨ خامساً: القيمة العلمية والفكرية للكتاب
-
يُعد هذا الكتاب من أوائل المحاولات الشيعية الحديثة في تعريف التشيّع بلغةٍ يفهمها المثقف المسلم من أي مذهب.
-
وقد اعتمد عليه باحثون في الأزهر ومجامع التقريب بوصفه مرجعاً معتدلاً في عرض الفكر الإمامي.
-
يُبرز أن التشيّع ليس حزباً ولا شعاراً سياسياً، بل هو جوهر الإسلام الرسالي في صفائه الأول.
✨ خلاصة الخلاصة
كتاب «مع الشيعة الإمامية» هو بيانٌ عقلانيٌّ جامعٌ لهوية المذهب الإمامي، وصرخة فكرية ضد التفرقة والجهل.
يقول الشيخ مغنية في آخر مقدمته:
«لو عرف المسلمون حقيقة التشيّع لعلموا أنه منهم، بل هو هم في صورتهم الأولى.»
إنه كتابٌ يُصلح الفِكر قبل أن يُقنع العقل، ويعيد رسم صورة التشيّع على أساسٍ من الإيمان، والعدل، والعقل، والخلق.
